في فيلم Annie HALL يصاب وودي ألين الطفل باكتئاب و ينسحب من واجباته المدرسيّة و من الحديث مع أهله و يقرّر وقف تفاعله مع الوجود , لأنّه اكتشف أنّ العالم يتمدّد , و يخبر الطبيب النفسي بحزن لا مبالٍ : العالم يتمدّد أي أنّه سينفجر في النهاية , ما فائدة كلّ هذا إذن ؟!
الحرب هي أن يتقلّص العالم و يتحدّد ضمن محيط دائرة الضجيج … ضجيج الطبيعة و الفيزياء في الأسلحة , و أن يتقلّص تحديدُك لمعنى منطقة الأمان , كلّما توغّلت فيها تصاغرت مساحتُك الآمنة شيئاً فشيئاً … و صارت أعمق و أغزر معنى في الوقت نفسه .
البعيدون عن الحرب يعتبرون المدينة التي تُرمى بالنار غير آمنة و تهلع قلوبهم من اسمها وحده ,
المقيمون فيها يعرفون أحياء تُحتمل فيها النارُ أكثر , فالأمان أن تبعد عنها رصيفاً إلى النار الأقلّ ,
و حين تسكن حيّاً من أحياء النار تلك فستجتنب شارعاً فقط , لأنّه مطلّ على أكثر من جبهة أو لأنّك تعرف أجساداً همدتْ فيه أكثر من غيره ,
و ربما تمشي في هذا الشارع أو تُرمى في خطّ النار و تصبح مساحة الأمان التي تطمئنّ إليها هي العمود الذي يخبّئك عن القنّاص , الهندسة تحميك من الإنسان ,
و ربّما تركض في مرماه و تصبح تلك المساحة لا شيء إلّا صدفة إصبعين قد تخطئهما الرصاصة عن رأسك , و تتكئ على الإصبعين واثقاً كجبل متين , مطمئنّاً جدّاً دون أيّ نشاط للأدرينالين لأنّ ما يعنيك فقط هو احتمال أن تخطئك , أمّا إن أصابتك فقد انتهى ما يعنيك .
صديقي وودي ألين , ماذا نفعل نحن الذين نرى العالم يتقلّص … و يقلّصنا معه ؟!