يجتاح الدمَ المتبقي هذا السأم والجفاف, والهرم الذي يتردد كالصدى في مهاوي عمر سحيق, أنيقة كلمة الصمود, ولكنها لن تنجيك حتى من حاجتك للكلمات, أمامك حلّ هو الهرب والتخلّي, أو أن تعترف بلا مبالاة كالاحتقار الأول أمام الحريق.
الصحراء في الداخل, في الجوف, وفي الكلمات, ومتعب أن تكنس الرمل سنين, والأسوأ أنه مملّ ولا جديد على حافة الهاوية إلا أن تكتشف مزيداً من القعر, ولكن بحر الآخرين لن يروي هذا النزق المقدس فيك, وفي الندم رغم الماء عطش يحفّ الحلق كسكّين, كعطش الحسين بين السيوف الغريبة.
والسيوف الغريبة غادرت الكوفة وأضحت في كل مكان, في الأرض والكلمات وحتى أحلام الليل, تبخر السراب, ومجاز الصحراء فقد ضمير الأنوثة, وعيناك بين الكثبان نسيت حتى ترف التوقع, ولكن إن تركت ظلّك للغرباء, فلن تراك الشمس, وستعمى عنك حتى العتمة, غادرت حيوانات العالم في السفينة, ولكن البيت الأخير سيذكر صوتك في الطوفان, وسيعرف القادمون على الطريق السهل بعدك أن شرف الذكرى كان صعباً, وكان يكفي.
…
كان آخر ما قال المتنبي:
وأيّاً شئتِ يا طرقي فكوني
أذاةً أو نجاةً أو هلاكا