El Quinto Regimento….
من المشاهد الخالدة في السينما، هذه الدقائق من فيلم The Star Maker “صانع النجوم” للمخرج الإيطالي العبقري غوسيبي تورناتوري، الذي أعتبره أحد أعظم مخرجي السينما وصنّاعها الحقيقيين.
قصة الفيلم حول محتال يتجول على القرى الصقليّة والإيطالية ويقنعهم أنه من “صناع الأفلام” وبإمكانه أن يقدمهم إلى الشركات المعروفة والمخرجين الكبار لمن يريد تصوير تجربة أداء بمقابل مادي.
كان يستغل أحلام الشهرة والغنى والسفر لدى شعب البسطاء المعزولين، وكان يعطيهم الأمل، ولكن ما هو أهم من الأمل أن يضعهم أمام عين الكاميرا، أن يكونوا مسموعين ومشاهَدين بأشخاصهم وذواتهم المنسية، كانت المفارقة الكبرى هنا هي أن الناس كانوا يظهرون أصدق أمام الكاميرا، وفيما يقترض أنه تجربة “تمثيل”، ويقولون ما لم يتحه لهم صخب الحياة الجماعية أن يقولوه.
حضرت الفيلم ثلاث مرات، ومرات أكثر عدت لمشاهد بعينها، حفظت بعض حواراته منذ المرة الأولى، وترددت في الكلام عن هذا الحوار بالذات، لأن ثمة أكثر من خطبة توازيه في الفيلم، ودوماً أرغب بالكتابة عن هذا الفيلم وعن سينما تورنانوري ويمنعني الوقت أو الكسل أو الرهبة العتيدة أمام الكتابة.
في أحد تجمعات الأداء يراقب عجوز غريب من بعيد، جلّ ما يعرفه الناس أنه كان أستاذ جامعة ثم ذهب إلى الحرب وعاد ولم يسمعه أحد بعدها يتكلم، يظنونه أخرس، لا يكلم أحداً ولا يجتمع مع أحد، يزوره في خيمة التصوير ليلاً، ويشير له بحركات الإيماء أن يدير الكاميرا، ويتكلم للكاميرا بعد الصمت الطويل بكلمات أغنية للثورة والرفاق الراحلين، يرتل بالفخر والحزن العميق ذكراه البعيدة حين كان يقاتل في مع الثوار الجمهوريين في مدريد المحاصرة بقوات الجنرال فرانكو ( استمر حصار مدرين عامين ونصف ما بين 1936-1939) ، نفته الهزيمة بعيداً.. ولم يجد بعدها ما يستحق الكلام:
“
اوه.. الخامس
اوه.. الخامس
الفوج الخامس
فوج حياتي الخامس
فوج موتي الخامس
—
كان اليوم الثامن عشر من تموز
في ساحة الدير
شعب مدريد اجتمعوا في الفوج الخامس
مع ليستر وإلكامبيسينو
مع غالون وموديستو
مع القائد كارلوس
لم يكن أحد من رجالنا المقاتلين يعرف الخوف
—
كونوا شجعاناً.. ولنمض للقتال
فليعلُ صوت البنادق
وليذهب فرانكو إلى الجحيم
—
ومع الكتائب الأربعة
يدافعون عن مدريد
نخبة رجال اسبانيا اتحدوا
أكثر زهور الشعب احمراراً
مع الخامس… الخامس.. الخامس
مع الفوج الخامس
أمي..
أنا ذاهب إلى الجبهة
لأقتحم خطوط النار
—
كونوا شجعاناً.. ولنمض للقتال
وليعلُ صوت البنادق
وليذهب فرانكو إلى الجحيم
“