شهداؤنا

on

ها هم

تنتشر أطيافهم في الليل بين المدن والدمار

وتلمس أحلامنا برفق في الغفوات القلقة

ينبعثون في أرواح المواليد الجدد

في النفس الأول والبكاء والضحكة والعضة الأولى

نشمّهم في حصاد القمح، وفي بقايا البارود

وفي الربيع الذي لم يقتلعه عواصف القبح والجراد

نسمع صداهم حين نرنّم الأغنيات

قبل سنوات وقفنا وغنّيناها معاً

ما زالت طازجة كتفّاح المواسم وضحكة الصبايا

ولكنّها غدت عميقة وقديمة كالكتب المقدسة

نعرف وجوههم

ننساها غصباً قبل أن نحثو عليها التراب

نتذكّرها بهيّة وسط الأفراح والنار

تظهر لنا مع الفجر والأصيل ضاحكةً أو غاضبة

وعاتبة أحياناً

ولكن ليست متعبة

هل يكلّمون عنا الملائكة والأنبياء ؟

أم لا يسمح لهم واجب الحنين للأرض والذكريات

أم ينشغلون بفتح باب السماء كلما فتحنا لهم قبراً في الارض

نعرفهم جيداً

لقد تحرروا تماماً

من أجسادهم ومن حياتهم ومنّا

ولكن ما زالوا يحلمون بالحرية الأولى التي غنّيناها معاً

وما زال دمهم هناك

لا يجففه ليلٌ أو هزيمة

وتستفزّه الأقدام الغريبة

يوقظ الأرض.. يوقظنا ويوقظ الأطفال والمواسم

وما زال يبكي ويحلم أن يوقظ نفسه ليعود…

شهداؤنا

أضف تعليق