صباح الخير يا سوريا، ها هم أبناؤك ما زالوا ينفلتون من الليل ويتسربون من حدود الحياة، تصبين في الذاكرة جرار الحنين والصور، وتشمين رائحة الدم في الحجارة والورود، ولكنك ككل صباح تقومين وتحملين الماء والشمس للحقول والبيوت الوحيدة، يحاصرك ظلام الأيام والآخرين ولكنك كالغد والذكريات تبقين مضيئة كابتسامة أم ودافئة كخبز التنور وشهية كعشيقة سر، السكاكين انغرست في القلب، ولكن قلبك منغرس في صدور يتاماك وعشاقك المنثورين في جبهات الأرض، ويذكرهم بصباحك كل صباح

صباح الخير يا سوريا، لن يفهموا كيف نحبك ونتعلق بك، نشتهي جناتك مثل نيرانك، وتفاحك مثل ترابك، ونغار عليك من قصائد الآخرين أو جيوشهم الآن، كنتِ تسمعيننا في كل وقت، صباحاً أو ليلاً أو في نزق ساعات العصر، وكانت تحضننا جنائنك أو خنادقك أو حتى أنقاضك بالحنان نفسه، ترتبين لنا المعنى والقلب ومزاج الأيام ولو كانت حزينة، دونك نغدو طواحين حجارة في الهواء، تتكسر بلا صوت أو طريق أو دونكيشوت نبيل، وحين ترتاحين منا في كل فجر تنشرين الندى وعطرك السري وتتمددين بسكينة على الأفق، نوهمك بسكون النوم بينما نتلصص كعشاق جدد أو مؤمنين متأملين على أسرارك وصفاء جسدك المتعب من عبء الآخرين، ولو كنا نحن، وأحياناً تنتبهين بنصف عين فتغريننا بالمزيد، ولا نشبع منك، نبحث عنك في اكتشاف بلاد أو أحلام أو حبيبات، فلا يعطوننا منك سوى غيابك وفقداننا فيك.. صباح الخير.