إسلام سينيد أوكونور

on

المغنية الأيرلندية سينيد أوكونور Sinéad O’Connor أعلنت تحولها إلى الإسلام قبل أيام وغيرت اسمها على تويتر إلى “شهداء” ونشرت صورتها وهي محجبة، وفيديو “تغنّي” فيه الأذان حسب تعبيرها، اعتذرت لاحقاً عن أخطاء في غناء الاذان رغم أنها تدربت عليه مئة مرة.

سينيد التي غنّت nothing compares to you وأغاني جميلة أخرى ساهمت بشهرتها في جيل التسعينات، عاشت حياة مضطربة، سبق أن غيرت اسمها أكثر من مرة، الاسم قبل الأخير magda davitt، لتتحرر من لعنة اسم العائلة كما قالت، وهاجمت الكنيسة الكاثوليكية بسبب فضائح الاعتداء الجنسي على الأطفال، في أحد الحفلات مزقت صورة يوحنا بولس الثاني وقالت إن يسوع يُقتل على أيدي الكذابين في الفاتيكان، بينما كنيسة مستقلة في أيرلندا عينتها كقسيسة وغيرت اسمها إلى الأم برناديت ماري، لديها أربعة أطفال من علاقات مختلفة، ولديها تاريخ من الاضطراب النفسي وتعاطي المخدرات، في السنوات الماضية قامت بأكثر من عمل لإثارة الاهتمام والتعاطف، نشرت على الفيسبوك أنها تناولت جرعة زائدة -لغرض انتحاري- بسبب معركة حضانة الطفل مع زوجها، وتم الإبلاغ عن فقدانها فجأة لتجدها الشرطة بعد يوم من البحث تبكي في غرفة موتيل رخيص على طريق سفر، ونشرت بنفسها فيديو على فيسبوك تتكلم عن اضطرابها النفسي وتخلي عائلتها عنها وأن الأشخاص الذين لديهم هذه الحالة الصحية هم أكثر فئة غير محصنة أو آمنة في المجتمع.

على حسابها في تويتر تظهر سينيد (أو شهداء) سعادتها بعد إعلانها هذا التحول، وبإخوانها المسلمين الذين رحبوا بها في “الأمة”، وقالت إن الوصول للإسلام هو النتيجة الطبيعية لأي رحلة بحث عن الخالق، بينما الأرجح أنها كانت تبحث عن نفسها وعن طمأنينة التضامن والانتماء إلى جماعة، والتي تحتفل بها بطبيعة الحال، ويتم تناقل الخبر لإثبات أن الإسلام هو الحل.

في الحقيقة قصة سينيد وتحولها الأخير للإسلام لا يثبت شعارات الفقر الروحي لحضارة الغرب وأزمة الحداثة وما إلى ذلك، لأن الحلول الروحية لم تعد مقتصرة على الإسلام فقط، هناك من ينتقل للبوذية أو إلى نسخة انتقامية من الإسلام (مع السلفية الجهادية) أو إلى طوائف حديثة لا تنتهي، أو ينتقل إلى اللامبالاة بالدين والتي باتت ظاهرة منتشرة أكثر من النسخة العلمية والاعتقادية من الإلحاد.

والإنسان الحديث لا يوجد في الغرب فقط، وإنما جيلنا ومجتمعاتنا هي جزء من الظاهرة أيضاً، ولدى الإنسان الحديث لم يعد الدين نتيجة رحلة البحث المضنية عن الحقيقة، أو إعلاناً نهائياً عن الانتماء، وإنما أصبح متاحاً وسائلاً مثل غيره من الاعتقادات والأيدلوجيات المتغيرة، وهذا ما قصدته من خلال السرد.

وكما أن سقوط مصداقية الكنيسة الكاثوليكية في قصة الاعتداءات الجنسية على الأطفال، قد أسهم بزعزعة الانتماء الكاثوليكي لدى فنانة ايرلندية، حيث الكاثوليكية شبه متطابقة مع القومية ومع الهوية الشخصية والتاريخية للفرد، فإن سقوط المؤسسة الدينية والتيارات الإسلامية بغالبها في السنوات السابقة أسهم بزعزعة هذا الانتماء والثقة بمطلقية الحقيقة ومصداقية المرجعية الدينية، وإن لم تنتشر حالة إلحاد علنية، فإن ظاهرة اللامبالاة تجاه الدين منتشرة بصمت وعلى نطاق واسع، خاصة بعد المواجهة مع داعش والقاعدة في سوريا. ما أردت قوله إن التحوّل العميق في أنماط التدين وانتشار اللامبالاة، وسيولة مفهوم الدين نفسه، ولكن استمراره -واستمرار الأيديولوجيات والسرديات الكبرى- كملجأ أخير من عبء الحضارة أو تفكك المجتمع وقلق الوحدة، وحاجة الإنسان إلى الاهتمام والجماعة، هو حاضر في مجتمعاتنا أيضاً، وليس في الغرب وحده، وهذا يمكن أن يكون منطلق دراسات أكاديمية عديدة في سوسيولوجيا الدين والتحولات في مجتمعاتنا، عدا عن أنه ينبغي أن يضيء للمؤسسة الدينية والتيارات الإسلامية واقع المجتمع والزمن الراهن الذي لا يعرفونه على الحقيقة

أضف تعليق