عهود الصلح في التاريخ الإسلامي

اعتدنا في التأريخ لتوسع الدولة الإسلامية لتتحول إلى العالمية, في زمن عمر بن الخطاب خاصة, التركيز على الفتوحات في بعدها العسكري, دون العهود. تمثل العهود ممارسة الحرب كسياسة, والاستدخال القانوني للبلدان المفتوحة في الدولة والذي يعني خضوعها الميداني, وهي بذلك تمثل توسع الدولة كدولة, مع تسجيل أنه رغم أن معظم هذه العهود كانت لبلاد فُتحت…

وما حالها إن كنت تعرف حالها

وما حالها؟ … إن كنت تعرف حالَها وهل عبرتْ أحزانُ ليلك بالَها؟ وهل حبستْ إلا عليك دموعها وهل كتمتْ إلا إليك خيالَها سينفيك عمْرٌ ضلّ عنك ولم تجدْ طريقاً له إلا انتظارَك شالَها وتمضي وحيداً نحو غيبك صامتاً ويغنيك ما غنّتك ليلة نالَها وتطلب من شيخ المعرة أن ترى مكانَك في أرض الخلود ظلالَها وسافرتَ…

عن علمنة الدين لدى الفقهاء

جدل محموم في السعودية بعد إقرار مادة الرياضة لمدارس البنات من قبل مجلس الشورى, ما بين من يعتبر الأمر بداية للتغريب, أو يؤصل له باعتباره من خطوات الشيطان, ومن يعتبر التحجج بـ “الضوابط الشرعية” لممارسة الرياضة تمييعاً للدين. ثمة مشكلة في اعتبار الفقيه قادراً أو مسؤولاً عن الإجابة على مسائل الحياة كافة, هذه حالة تتعامل…

خيط ناظم للغياب

بعدما ألف تاريخه كتب ابن خلدون (المقدمة) لا قبله, ذكرني ذلك -على غير سبب واضح- بالرواية الأشهر عن الحرب الأهلية الأمريكية (ذهب مع الريح), والتي كتبت مارغريت ميتشل فصولها على سرير المرض بمعزل عن تسلسلها نفسه في الرواية (تكتب الفصل التاسع قبل شهر من الفصل الخامس مثلاً), ماتت مارغريت , كما مات الإمام ابن عبد…

معذبو الأرض والالتحام بالهوية الإسلامية

يتكلم فرانز فانون في كتابه الاستثنائي (معذبو الأرض), والذي أعاد الأصدقاء في مدارات للأبحاث والنشر طباعته حديثاً, أن المثقف الإفريقي بعد أن يبهر بالمستعمِر ويحاول أن تشبع بثقافته وتؤول هذه المحاولة إلى رفض الاعتراف به في الغرب, يرتد إلى الذات ليحاول الالتحام بالهوية النقية المتخيلة عن شعبه, فيتتبع كل تشابه مع ثقافة الغرب لينفيه, ويؤكد…

عن تحولات تاريخية وجمود فكري

على هامش صراع الملك تشارلز مع البرلمان في انكلترا تطورت الفلسفة السياسية من توماس هوبز إلى جون لوك, وعلى هامش مظاهرات مايو 1968 الطلابية في باريس تطورت نظريات في دور المثقف والبنيوية والسيميائية وعلم الاجتماع, وكانت نشأة مدرسة فرانكفورت مرتبطة بشكل وثيق بصعود الفاشيات بعد الحرب العالمية الأولى ومحاولة تفهم ما حدث ونقد جذوره في…

عن الاحتفاء بالاستشراق

اعتدنا في ثقافتنا العربية المعاصرة الاحتفال باحتفاء المستشرقين بعبقرية أفراد من التراث العلمي والفكري الإسلامي, مثل ابن خلدون أو الشافعي أو ابن رشد. وهنا ثمة مفارقة لا تخلو من طرافة, وهي أن احتفاء المستشرقين بالشافعي باعتباره “العبقري المحيّر” كما وصفه جوزيف شاخت مثلاً, أو بابن خلدون الذي ناله الوصف نفسه واحتفاء مضاعف من كثير من…

ألا إنما الإنسان غمدٌ لقلبه

ثمة نظرية تقول إن الوافدين على لغة ما من خارجها أقدر على تجديدها دلاليّاً أو إبداعيّاً من أهلها الذين يفقدون وعيهم بها باعتبارها -كما هي- هي وعيهم. يمكن تذكّر ذلك -دون افتراضه- عند الكلام عن الفارسيين الذين وفدوا إلى الشعر والنثر العربي في أواخر القرن الأول والقرن الثاني خاصة, أي قبل أن يصبح للعربية ذاكرة…

ثلاثة مناهج في استدعاء التراث

لا يعكس منهج استدعاء التراث موقفاً من التراث نفسه بقدر ما يسجّل موقفاً من الحاضر, حاضر المفكر وصراعاته, وموقع التيّار الذي يمثله من هذه الصراعات ومن السلطة السياسية أو الفكرية. إن استدعاء واصل بن عطاء وابن رشد وأبي حيان و ابن عربي, من طرف واستدعاء الغزالي والفخر الرازي والجويني أو ابن حزم وابن تيمية وابن…

في العلاقة ما بين علم الكلام وفلسفة التاريخ

سأحاول أن أعرض مرّة أخرى الفكرة الأولى التي ذكرتها في ‫#‏ملتقى_التاريخ‬ ويبدو أنها وصلت ملتبسة أو غير واضحة, وسأنقلها كما كتبتها في تغريدات على تويتر: 1- كل نسق كلّي يستبطن موقفاً من التاريخ باعتبار أن له موقفاً من الزمن ومن علاقة موقع الإنسان بين النسبي والمطلق 2- جذور فلسفة التاريخ لدى المسلمين لا تستنطق لدى…

ألف بورخس

يقول بورخس : قصصي -كحكايات ألف ليلة وليلة- تهدف إلى المتعة والإثارة لا إلى الإقناع. لكن هذا الخيال المجنون الرحب كثيراً ما لا ينجو من الإقناع. في إحدى أشهر قصصه “الألف” يتحدث بورخس عن دائرة لا يزيد قطرها عن سنتيمترين , تظهر فوق الدرجة التاسعة عشرة في قبو معتم لمنزل في شارع جاراي في بوينس…

في رواية المقامر

في رواية المقامر , التي ألّفها ديتويفسكي خلال ستة وعشرين يوماً فقط , لأنه كان مضطرّاً لتسليم عمل للناشر الماكر وإلّا زجّه في السجن, الرواية التي لم يكتبها فعليّاً وإنما أملاها على فتاة لم يتعرّف عليها إلا كموظّفة بغرض أن تختزل هي ما يمليه عليها وتكتبه , ولم تلبث أن أصبحت زوجته “آنا غريغوريفنا دوستويفسكايا”….