كان سقراط الحكيمَ اليوناني الأوسع أثراً على الفلاسفة و الإخباريين المسلمين في مجال الفلسفة الخُلُقيّة , و لذلك كثيراً ما غلبت عليه صورة الزاهد الحكيم أكثر من الفيلسوف , فأكثر الاستشهاد به يكون بالنصائح القصيرة في الزهد و الفضيلة , و امتزجت الحكايات عنه بشخصية ديوجين الكلبي , و لا يخلو الأمر من تحميله –…
الوسم: فكر
بين الأشكال التاريخية والأحكام الشرعية
ليس هناك “شكل” شرعيّ صلب للحكم , و إنّما هناك “مبادئ” و “مقاصد” و “أحكام” على منظومة الحكم السعيُ لتحقيقها , فأن يكون على السياسة موافقة الشرع ليس معناه أن تكون ما نصّ عليه الشرع و إنّما معناه ألّا تختلف معه , كما قال ابن عقيل الحنبلي في مناظرته المشهورة . و ليس علينا تخيّل…
رمضان موسماً لإعادة إنتاج الإسلام المُلَبْرل
منذ عاد محمد عبده من أوروباً قائلاً من أثر الذهول إنّه قد رأى إسلاماً و لم ير مسلمين ، و تصوّرنا للإسلام بدأ يفقد مركزيّة النصّ و غائيّة الواقع ، إلى أن يتحوّل شيئاً فشيئاً لتصوّر دائريّ يتمحور حول الغرب المتخيّل المثال . على أنّنا حتى نكون دقيقين فلم يكن محمد عبده أوّل من نحا…
أسلمة الدوالّ
كان من طريف ما أبدعت به الفلسفة الإسلامية المشرقيّة , متمثّلة بابن سينا و الفارابي ابتداءً , هي أنها حاولت “أسلمة” التقسيم اليوناني لمراتب الوجود , وذلك بأن تجعل الملائكة محلّ العقول العشرة . لا شكّ بأنّنا نتلقّى نظريّة “العقول العشرة” الأصليّة نفسها الآن بشيء من الطرافة , لكنّها كانت تمثّل نسقاً اعتقاديّاً في تفسير…
الاستشراق المعكوس في النظر إلى الحضارة الإسلامية
كثيراً ما يحاول الغيورون على الحضارة الإسلامية الدفاع عنها ضدّ الدعاية الاالستشراقية الغربية التي تدعي عقمها و فقرَها الإبداعي و التجديدي في تاريخ العالم بأن يستشهدوا بإنجازات المسلمين في العلوم المحضة كالرياضيات و الكيمياء و الطب , أو في الفلاسفة المسلمين الذين أسهموا في “نقل التراث اليوناني” و شرحه . كلا الطريقتين تتأسّس من رؤية…
الخطاب الواجب الغائب
في مجلة الفجر «إنّها كلمة حقّ وصرخةٌ في واد، إن ذهبت اليوم مع الريح، فقد تذهب غداً بالأوتاد». لم يلجأ الكواكبي إلى كلماتٍ أقلّ زخماً وأقل دلالةً على الخطر من تلكم الكلمات في تقدمة كتابه عن الاستبداد و الاستعباد، و لئن سُجّلت للكواكبي مأثرة شقّ صمت الشرق المطبق عن سياسات الإذلال وتغييب الأمّة عن الدولة…
عن الشيخ البوطي والمؤسسة
كان من أهمّ ما ساهم فيه الشيخ البوطي في حياته هو تكريس سلطة المؤسسة الدينية , و تكريس مظهرها كمؤسّسة , و كان ذلك مكوّناً لا يمكن إلغاؤه لفهم خياراته و منهجه في حياته قبل فكره , إذ عادى لأجل ذلك الإسلاميّين باعتبارهم خارجين عن اجتهادات المؤسّسة التقليديّة و سلطتها , و التزم بالصداقة مع…
عن الثورة كمجتمع ضد السلطة
الاختلاف ما بين الثورة السورية و غيرها من الثورات , لا يظهر في شكل نظام الحكم الذي تقوم عليه , أو بمستوى العنف الذي جوبهت به , بقدر ما يبدو في شكل الثورة نفسه و طبيعة المجتمع الذي حملها . لم تكن الثورة احتجاجات مدنيّة أنيقةً ضدّ الحكومة تحاول أن تجمع حولها الناس , ولا…
الثورة وفك الاستقطابات
نجحت الثورة في تفكيك الكثير من التعميمات المتعلّقة بالمدن , و غيّرت فيما يمكن أن نسمّيه “الوزن المعنوي” فيما بينهما , حيث وجدنا مدناً صغيرة أثّرت في مسيرة الثورة و دخلت المجال التداولي لها أكثر بمئات المرّات من المدن المركزيّة , و وجدنا أنّ الريف الذي كان يُتهم بالتخلّف و الرجعية و بالتالي بكونه حاضناً…
توحيد سقراط
كان سقراط الحكيمَ اليوناني الأوسع أثراً على الفلاسفة و الإخباريين المسلمين في مجال الفلسفة الخُلُقيّة , و لذلك كثيراً ما غلبت عليه صورة الزاهد الحكيم أكثر من الفيلسوف , فأكثر الاستشهاد به يكون بالنصائح القصيرة في الزهد و الفضيلة , و امتزجت الحكايات عنه بشخصية ديوجين الكلبي , و لا يخلو الأمر من تحميله –…
قطعة قماش مكتوب عليها الله أكبر
هناك تشابه بين التديّن السلفي (في صورته القصوى) و الفلسفة المادية , من خلال نفي التدين السلفي للمجاز و تركيزه على الظاهر كوسيلة الفهم و مصدر الحقيقة و الشرعية , فالإنسان الذي لا يستطيع التعامل مع المجاز هو محصور في الإطار الحرفي المباشر ليس للكلمات و إنّما لتطبيقاتها في الحياة أيضاً , أي أنّه محبوس…
خوف خسارة التصنيف
ليس كلّ الخوف من السلاح أو العنف المحتمل , ثمّة خوفٌ كثير بيننا يخلق جوّاً من النفاق المنتشر , يمكن أن نسمّيه خوف خسارة التصنيف , الشابّ الذي يدخل ضمن جماعة متديّنة مثلاً يحرص على مظهره و ما يلبسه كي ينال الاعتراف أنّه عضو من هذه الجماعة و قد يتنازل عن كثير من آرائه و…