لم تنتج الكيانات السياسية عن انتخاب شعبي، ولم تحاول بناء قاعدة شعبية أو حامل اجتماعي لمشروعها السياسي، وإنما اقتصرت تحركات المعارضة دائماً وأهدافها على أن تكون الجهة التي تخاطب الدول، أو تخاطبها الدول، هذا يشمل الائتلاف وخصومه في المعارضة أيضاً، وترى المعارضة أنها تستمد مشروعيتها من دعوتها إلى المؤتمرات الدولية أو لقاءات المندوبين الديبلوماسيين، وليس من خلال اختيارها من قاعدة شعبية، أو سعيها لتمثيل مصالح هذه القاعدة وحمايتها.
هذا مكمن الخلل الرئيس في الائتلاف، وفي المعارضة السياسية عامة، وانتقل ذلك لكثير من الأحزاب والحركات السياسية التي نشأت خلال آخر سنتين ووضعت هدفها الوصول إلى مقعد في الائتلاف أو هيئة التفاوض أو منافستهم، لم تنشأ من خلال شرعية شعبية ولم تسع للحصول عليها، واكتفت بشرعية قائمة الأرقام لدى المسؤول الأجنبي عن الملف السوري.
في الحقيقة دينامية الحل السياسي تعتمد على اختراع الوهم ثم الاقتناع فيه وترويجه، هناك وهم اسمه ملء الفراغ، ووهم اللجنة الدستورية ووهم الصراع الروسي الإيراني، وحالياً وهم الانتخابات، وكأن النظام سيرحل بالانتخابات أو سيرشح شخصاً آخر غير بشار الأسد، أو أن المجتمع الدولي الذي لم يتدخل لوقف المذبحة سيتدخل لبناء ديمقراطية ليبرالية حديثة بينما يصطف ضباط الحرس الجمهوري وميليشيات الذبح والتعفيش ينتظرون دورهم في إصلاح المؤسسة العسكرية.لذلك رغم أن الائتلاف أعلن رفضه المشاركة في انتخابات يشارك فيها رأس النظام بشار الأسد، وهو يحافظ على سقف جيد في تصريحاته بشأن النظام والانتقال السياسي بالعموم، إلا أن التجربة علمتنا إمكانية التراجع عن التصريحات، كما حصل في العلاقة مع منصة موسكو سابقاً، أو في رفض المشاركة بمؤتمر سوتشي ثم المشاركة في اللجنة الدستورية، وكذلك الآن اشتراط عدم مشاركة الأسد في الانتخابات.