عن بَوْل أطفال الحولة

في مساء جمعة الخامس والعشرين من أيار لسنة 2012، ليلة السبت، حصلت مذبحة الحولة.بدأ الأمر بقصف واسع على قرى سهل الحولة، كان معظمه على بلدة تلدو، بعد مظاهرات الجمعة الأخيرة من أيار، كان المراقبون الدوليون على بعد 20 كم في مدينة حمص، طيلة ساعات القصف وجهت نداءات الاستغاثة حتى يأتي المراقبون، لم يأت أحد.بعد موجة…

حليفي أبو العز

كان عمر عرابي أبو العز بطل رفع أثقال في لبنان ومدرباً رياضياً في حلب، انضم للجيش الحر، أول مرة التقينا في جلسة عامة وأنا أتحدث في الوضع السياسي، لاحظت أنه ينظر إلي بتركيز، بعدها أخبرني ملهم أبو صالح أنه قال له: هاد الأستاذ بحكي كلام كويس بس ما فهمت عليه شو بدو، بعدها استعملت القليل…

الماء الذي يغادر المصبّ

الماء الذي يغادر المصبّ يجرب النبع والنهر والبحيرات قد يرى الشمس في وضوح الجبال أو تعرجات الوادي أو انكسارات ورق الغابات تترامى به أيدي الصبايا الناعمة بينما يتلاعبن في الظهيرة ويصبح دمع وداع في العين قبل الغروب ووضوء محارب يتلوّن بدمه فجأة في الليل قد يشقّ المدن ويحفظ كل وجوه الناس.. صوت الخطى.. أجساد البيوت…

مات برداً

مات برداً.. كللوه بتاج من ورق الشجر.. حاولت أن تدفئه يد الجدة الهرمة..ولكن لم يعد.. في مساء آخر وعدوه بحليب دافئ.. كذبت عليهم صلوات الإخوة والبنادق المنسحبة وتضامن الصحف وصدقت الخيبات.. كانوا يرون صورهم تبثّ بالكهرباء على المحطات.. ولكن لا كهرباء هناك ولا نار غير الجحيم المنصبّ من السماء.. كان الثلج صاعقاً كالنار.. حاولوا بكل…

إلى مرابط أخير

إلى مرابط أخير هي ذي تنهدم المدن، قد تنكسر رؤوس الساكنين تحت الإسمنت، أو قلوبهم في شرود الشوارع، وقد تذهل مرضعة عمّا أرضعت، ولكن لا تنذهل النار عن البيوت، ولا أنت عن الخندق. ها أنت لم يبق سواك، تدرك معنى البسمة في الوجوه، والدمع على الأرصفة، والدفء الحميم لانغراس القدم في الطين، تراقب انهيال النار…

الذاكرة السكين

بالأمس كانوا ومرّوا، عبروا من الزمان الذي توقف بنا هناك، يبدو الناس اليوم كثيرين في المدن والصور والهواتف، ولكن وجوههم ما زالت تسكننا وتذكرنا بالأيام الجليلة، حين كانوا حولنا قليلين وقريبين ويكفون لئلا نحسّ بعبء السنين والعمر القادم وغربة ورقة الخريف بين ازدحام الشوارع تمتلك هذه الذاكرة حدّ سكين، توهج بركان في الجوف، ورهافة ورقة…

في وداع الساروت

هذا قبرك في الأرض أوسع من الدنيا وأعلى من السماء بعيداً عن حمص ولكن أقرب من كلّ قلب لا تتركك أيادي الثوار ولا تتركها حياً أو ميتاً تسري في شرايينهم مع الدم المتدفق أيها البدوي الثائر الذي ألهب المدن والساحات أيها الحزن الغائر والحلم الحلو والغضب المشتعل كيف نرثيك دون أن نحمل أكبادنا الممزقة..‏ أعطنا…

صباح الخير يا سوريا

صباح الخير يا سوريا، ها هم أبناؤك ما زالوا ينفلتون من الليل ويتسربون من حدود الحياة، تصبين في الذاكرة جرار الحنين والصور، وتشمين رائحة الدم في الحجارة والورود، ولكنك ككل صباح تقومين وتحملين الماء والشمس للحقول والبيوت الوحيدة، يحاصرك ظلام الأيام والآخرين ولكنك كالغد والذكريات تبقين مضيئة كابتسامة أم ودافئة كخبز التنور وشهية كعشيقة سر،…

في طرق كالجدران

مدنٌ من غبار وذئابٌ فقدت أنيابها ورفاقُ الليل استراحوا حجراً في المقبرة ومُحاربْ كان يطوي الأرض ناراً ورجال وغَدا.. يهْمس الكلمات ويرجو المغفرة المدى مرٌّ وأشباحٌ على الأيّام تهمي وجبالُ الملح لم تكف المآقي كي تغورْ وصدى أمس ينادي أيّ ماء والطواحين تعود لسحق الحنجرةْ — في طرق كالجدران أتيت لا تعرف إلا نفسك وضباب…

يموتون في البرد

يموت السوريون في البرد، متجمدين بين الثلوج، عوائل كاملة كما كانوا في بيوتهم، أم وأب وطفل عاديون، توثقهم عدسات الكاميرا، ويمرّ موتهم عادياً في مشرق الموت الكبير، لم يموتوا بينما يحاولون العبور إلى جنّة الخلد ولا سويسرا، وإنما في طريق التهريب إلى لبنان، إلى بلد آخر سيجرّعهم التشرد والعنصرية ومأساة أخرى، ولكنها مأساة أقلّ.بأجساد متيبسة…

قريباً تسقط الرايات

قريباً تسقطُ الرايات ويبقى الحقّ والرجلُ وإن رسموا لنا الغايات ففي قلب الفتى جبلُ ولن ينسى من الآيات طريقُ الحرّ لا وجلُ وقد تبكي لنا النايات إذا ما يضحك الأجلُ — قريباً تعرف الأنباء بأن جراحنا حِنّة وأن العرس في الأرجاء حين نُظنّ في محنة وأن الحرّ حين يُساء ففي غضب العُلا سنّة ألم يخبركم…

شهداؤنا

ها هم تنتشر أطيافهم في الليل بين المدن والدمار وتلمس أحلامنا برفق في الغفوات القلقة ينبعثون في أرواح المواليد الجدد في النفس الأول والبكاء والضحكة والعضة الأولى نشمّهم في حصاد القمح، وفي بقايا البارود وفي الربيع الذي لم يقتلعه عواصف القبح والجراد نسمع صداهم حين نرنّم الأغنيات قبل سنوات وقفنا وغنّيناها معاً ما زالت طازجة…